دعاء استفتاح الصلاة

صيغ دعاء الاستفتاح

ورد لدعاء الاستفتاح الكثير من الصيغ؛ حيث وصف بعض الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- صلاة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وبيّنوا ماذا كان يقول في افتتاحه للصلاة، وفيما يأتي بيان للأحاديث التي تضمّنت أشهر هذه الصيغ:[١]

  • عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذا استَفتَحَ الصَّلاةَ قال: سبحانَك اللَّهمَّ وبحمدِك، وتبارَكَ اسمُك، وتعالى جَدُّك، ولا إلهَ غيرُك)،[٢] وقد ذكر الحنفية زيادةً على هذه الصيغة وهي قول المصلّي: “وجلّ ثناؤك”، ولم يذكرها الجمهور فيمكن الإتيان بها ويمكن تركها.
  • عن علّي بن أبي طالب رضي الله عنه: (أنّ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أنَّهُ كانَ إذَا قَامَ إلى الصَّلَاةِ، قالَ: وَجَّهْتُ وَجْهي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ حَنِيفًا، وَما أَنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي، وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتي لِلهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لا شَرِيكَ له، وَبِذلكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ المَلِكُ لا إلَهَ إلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بذَنْبِي، فَاغْفِرْ لي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأخْلَاقِ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ في يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ ليسَ إلَيْكَ، أَنَا بكَ وإلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إلَيْكَ).[٣]
  • وفي رواية أخرى: (وجَّهتُ وجهيَ للَّذي فطرَ السَّمواتِ والأرضَ حَنيفًا وما أَنا منَ المشرِكينَ، إنَّ صلاتي ونسُكي ومحيايَ ومماتي للهِ ربِّ العالمينَ، لا شريكَ لَهُ، وبذلِكَ أمرتُ وأَنا منَ المسلمينَ، اللَّهم أنت الملِكُ لا إلَهَ إلَّا أنتَ، سبحانَكَ أنتَ ربِّي، وأَنا عبدُكَ، ظلمتُ نَفسي واعتَرَفتُ بذنبي، فاغفِر لي ذُنوبي جميعًا، إنَّهُ لا يغفرُ الذُّنوبَ إلَّا أنتَ، واهدني لأحسنِ الأخلاقِ، لا يَهْدي لأحسنِها إلَّا أنتَ، واصرِف عنِّي سيِّئَها، لا يصرِفُ عنِّي سيِّئَها إلَّا أنتَ، لبَّيكَ وسعديكَ، أَنا بِكَ وإليكَ، ولا مَنجا، ولا مَلجأَ إلَّا إليكَ، أستغفِرُكَ وأتوبُ إليك).[٤]
  • عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (كانَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَسْكُتُ بيْنَ التَّكْبِيرِ وبيْنَ القِرَاءَةِ إسْكَاتَةً -قالَ أَحْسِبُهُ قالَ: هُنَيَّةً- فَقُلتُ: بأَبِي وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ، إسْكَاتُكَ بيْنَ التَّكْبِيرِ والقِرَاءَةِ ما تَقُولُ؟ قالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ).[٥]

هل تصح الصلاة بدون دعاء استفتاح

ذهب جمهور الفقهاء وهم الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنّ دعاء الاستفتاح سنّة في الصلاة سواءٌ كانت صلاة فريضة أم نافلة، وذهب المالكية إلى عدم مشروعية دعاء الاستفتاح لورود حديث عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول فيه إنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأبو بكر وعمر وعثمان -رضي الله عنهم- كانوا يفتتحون الصلاة بالتكبير، ولأنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عندما أرشد المسيئ إلى كيفية الصلاة الصحيحة أمره بالتكبير ثمّ الشروع بالقراءة ولم يذكر دعاء الاستفتاح.[٦]

وعلى هذا فإنّ الصلاة تصحّ دون الإتيان بدعاء الاستفتاح في أوّلها، وقد سُئل ابن باز -رحمه الله- عن حكم الصلاة بدون دعاء الاستفتاح، فقال إنّ دعاء الاستفتاح هو سنّة مستحبّة ولو صلّى بدونه فصلاته صحيحة بإجماع العلماء.[٧]

التوقيت الصحيح لدعاء الاستفتاح

إنّ توقيت دعاء الاستفتاح هو بداية الصلاة بعد تكبيرة الإحرام مباشرةً، وفي هذا السياق يقول ابن باز رحمه الله: “والاستفتاح أن يقول بعد التكبيرة الأولى: “سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك” هذا يُسمى الاستفتاح بعد التكبيرة الأولى؛ تكبيرة الإحرام، وإن استفتح بغير هذا مما صحّ عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فهو حسن”.[٧]

وقال الشيخ سلمان العودة إنّ المصلّي يقرأ دعاء الاستفتاح ثمّ: “يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، ويُسمي، ويقرأ الفاتحة، ثمّ يقرأ ما تيسر له من القرآن”، فدعاء الاستفتاح يكون قبل الشروع بقراءة سورة الفاتحة،[٨] وقيل أيضًا إنّ دعاء الاستفتاح يُقال بعد أن يضع المصلّي كف يده اليمنى على ظهر يده اليسرى.[٩]

ملخص المقال: دعاء الاستفتاح هو الدعاء الذي يستفتح به المسلم صلاته بعد التكبير وقبل قراءة سورة الفاتحة، وله صيغ عديدة، وتصح الصلاة دون قول دعاء الاستفتاح.

المراجع

  1. مجموعة من المؤلفين، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 49-51. بتصرّف.
  2. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج سنن أبي داود، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:776، حديث صحيح لغيره.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:771، حديث صحيح.
  4. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:3423، حديث حسن صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:744، حديث صحيح.
  6. محمد المختار الشنقيطي، كتاب شرح زاد المستقنع للشنقيطي، صفحة 9. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ابن باز، كتاب فتاوى نور على الدرب لابن باز بعناية الشويعر، صفحة 179-180. بتصرّف.
  8. سلمان العودة، دروس للشيخ سلمان العودة، صفحة 34. بتصرّف.
  9. سعيد بن مسفر، دروس للشيخ سعيد بن مسفر، صفحة 24. بتصرّف.