قصة يداك أوكتا وفوك نفخ

واحدة من أغرب قصص الأمثال العربية القديمة هي قصة مثل يداك اوكتا وفوك نفخ. ولا شك أن للأمثال العربية حضور في كلام كثير من الناس بل في واقعهم، وتراثنا المعرفي والشعبي مليء بالأمثال التي تعبّر عن كثير من المعاني بأسلوب سلس وجميل، والأمثال تحاكي واقع الناس وحياتهم، من أجل ذلك كان لا بدّ من العناية بالأمثال، ودراسة القصص التي كانت سبباً في إطلاقها ومنها مثلنا الذي بين أيدينا. إليكم قصة (يداك أوكتا وفوك نفخ) وهو مثل متداول.

 

العبرة من قصة يداك أوكتا وفوك نفخ:

يُطلق هذا المثل على كل إنسان كان السبب في جلب المصائب لنفسه، فهو السبب في مصيبته والسبب في شقائه وذلك نتيجة إهماله أو عدم سماعه للنصح أو إصراره على رأيه غير الصحيح أو غيرها من الأسباب، كإنسان يُهمل في عمله ولا يقوم بالمهام الموكلة به، أو كطالب يُهمل في دراسته، فإن طُرد هذا الموظف أو رسب هذا الطالب فذلك من صنع أيديهما.

أما معنى (أوكتا) فهو من الإيكاء أي أن يربط ويشد رأس القربة والسقاء بحبل أو نحوه، و(فوك) بمعنى الفم، و(النفخ) إخراج الهواء من الفم.

اقرأ آيضا: قصة بابلو اسكوبار

قصة يداك أوكتا وفوك نفخ:

تروي الكتب قصتين رئيسيتين عن أصل هذا المثل، وإن كان هناك بعض التفاصيل الجزئية المختلفة بينها، إليكم القصتين:

قصة-مثل يداك أوكتا وفوك نفخ
  • القصة الأولى: يُقال أنّ رجلاً نفخ قربة (والقربة عبارة عن وعاء من جلد) وربطها، أشبه ما يكون بما يلبسه الناس اليوم في السباحة من الدواليب و(العجال) الهوائية، وإنما يريد بذلك أن يعبر النهر بها، ويبدو أنّه لم يكن يعرف السباحة كثيراً ولتريحه في سباحته، ولكن القربة التي نفخها وربطها كانت ضعيفة الوكاء أي أنه لم يربطها ربطاً محكماً، وكان يوجد ناس على الشاطئ يراقبونه فنصحوه أن يوثق شد الرباط ويحكمه، لكنّه لم يأخذ بنصيحتهم، ونزل يسبح بها، سبح قليلاً حتى قارب أن يصل منتصف النهر، لكن بدأ الهواء فيها بالتسرّب وأوشك الرجل أن يغرق، ونادى الناس أن يساعدوه‏، فنزل أحدهم وأنقذه من الغرق وقال له: يداك أوكتا (أي ربطتا) وفوك (أي فمك) نفخ، أي أنت الذي نفخت في القربة وربطتها لكن ربطتها ربطاً غير محكم ونصحناك فلم تسمع فكانت هذه عاقبة أفعالك.

وبعضهم يذكر وقائع مشابهة لكن ليس بالتحديد كما ذكرنا، فيقولون أنّه كان هناك مجموعة من الناس تعيش في جزر قريبة من بعضها، ويفصل بينها خلجان مائية، فكانوا يريدون العبور وقد نفخوا أوعيتهم ولبسوها ليطفوا فوق الماء كإجراء بدلاً عن القوارب وشدّوا وثاقها جيداً، لكن أحدهم لم يشد الرباط بشكل جيد ولم ينفخ فيه جيداً، نصحه الناس فلم يسمع، وفي منتصف الطريق بدأ بالغرق لأنّ وعاءه انفتح وتسرّب الهواء منه فأخذ يطلب المساعدة ويستنجد بالناس فقالوا له معاتبين: يداك أوكتا وفوك نفخ.

  • القصة الثانية: كان هناك شاب يقف قريباً من بئر، وكان هنالك فتيات يملأن قربهن ماء، فكان يداعبهن ويأخذ قربهم فينفخ فيها ثم يوكؤها أي يربطها، فرآه أحد إخوة الفتيات فشعر بالغيرة وقتل الشاب، فانتشر الخبر، وحضر الناس، وجاء أخ الشاب المقتول وسأل عن سبب القتل، فأخبره القاتل أنّه كان يداعبهن ويأخد القرب منهن ويربطها، فنظر أخوه إليه وهو جسد مرمي على الأرض: يداك أوكتا وفوك نفخ.

ولعلّ القصة الأولى هي الأكثر شهرة والأقرب إلى الواقع، ولكن في النهاية نقول أن هذا المثل بغض النظر عن أصله وقصة بدايته لكنه أصبح يقال لكل إنسان لم يقبل النصح وسعى في أمره ثمّ كان هلاكه في هذا الأمر من صنع يديه، وكانت مصيبته من صنع يديه.

وقد أورد الشعراء هذا المثل في أشعارهم:

 صَهٍ لِجَوَابِ مَا قُلْتُمْ وَأَوْكَتْ 

 أَكُفُّكُمُ عَلَى مَا تَنْفُخُونَا 

 إِذَا كَانَتْ جُلُودُكُمُ لِئَامًا 

 فَأَيَّ ثِيَابِ مَجْدٍ تَلْبَسُونَا 

اقرأ أيضا: قصة الأنف المقطوع

وقال آخَرُ في ذلك:

 دُعَاؤُكَ حَذْرَ الْبَحْرِ أَنْتَ نَفَخْتَهُ 

 بِفِيكَ وَأَوْكَتْهُ يَدَاكَ لِتَسْبَحَا

كانت هذه قصة يداك أوكتا وفوك نفخ إذا كان لديك اقتراح لقصة مثل يمكنك مراسلتنا على بريد الموقع