لماذا حرّم لحم الخنزير

وجوب الامتثال لأمر الله في تحريم لحم الخنزير

قال الله -تعالى-: (قُل لا أَجِدُ في ما أوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلى طاعِمٍ يَطعَمُهُ إِلّا أَن يَكونَ مَيتَةً أَو دَمًا مَسفوحًا أَو لَحمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجسٌ أَو فِسقًا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّـهِ بِهِ فَمَنِ اضطُرَّ غَيرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفورٌ رَحيمٌ)،[١] ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن لَعِبَ بالنَّرْدَشِيرِ، فَكَأنَّما صَبَغَ يَدَهُ في لَحْمِ خِنْزِيرٍ ودَمِهِ).[٢]

قبل التعمق في حكم أكل لحم الخنزير وبيان الحكمة من تحريمه، تجدر الإشارة إلى نقطتين مهمتين:[٣]

  • على المسلم الصادق في إيمانه أن يمتثل لأمر الله تعالى ونهيه، وأن يسمع ويطيع قبل معرفة الحكمة، وأن لا يدع الجدال في مسائل الشريعة وفهم كل المقاصد تجعله يبتعد ويتأخر في الامتثال للأمر والنهي.
  • على المسلم أن يعتقد يقيناً أن كل ما أمر الله به هو منفعةٌ للمؤمن في الدنيا والآخرة، وأن النهي عن الشيء يفيد حتماً ضرره بفاعله، لأن خالق العباد يعرف حق المعرفة ما الذي يصلح حالهم وما الذي يلحق بهم الضرر.

وكما بيّنت الأدلة السابقة؛ فإنه يحرم على المسلم أن يأكل لحم الخنزير، وهو حيوان خبيث، وقد حرّمه الله على كل الأنبياء، ونبيّن في هذا المقال بعض الحِكَم في تحريمه.[٤]

ثبوت نجاسة الخنزير

اتفق الحنفية والشافعية والحنابلة على أن الخنزير نجس بجميع أجزائه؛ عَرَقه، ولُعابه، وغيره، مستدلين بقول الله -تعالى-: (أَو لَحمَ خِنزيرٍ فَإِنَّهُ رِجسٌ أَو فِسقًا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّـهِ بِهِ)،[٥][٤] فالضمير عائد على لحم الخنزير، والرجس: هو النجس الخبيث، وهو الحكمة في تحريم أكل لحمه.[٦]

وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى القول بنجاسة جلده كذلك، حتى وإن دُبغ، وعلى نجاسة شعره، ونجاسة الوعاء إذا لغى فيه، ولا يجوز للمسلم اقتناؤه، ولا بيع ولا شراؤه، وتحريم أكل لحمه حرام لا خلاف فيه.[٧]

ومن الأدلة الأخرى على نجاسة الخنزير ما رواه أبو ثعلبة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث قال: (إنَّا نُجاورُ أهلَ الكتابِ وهم يَطبخونَ في قُدُورِهم الخنزيرَ ويشربونَ في آنيتِهمُ الخمرَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: إن وجدتمْ غيرَها فكُلُوا فيها واشربوا، وإن لم تجدوا غيرَها فارحضُوها بالماءِ وكُلُوا واشربوا)،[٨] حيث أمره النبي بغسل الإناء بالماء عندما طُبخ فيها لحم الخنزير، وهذا شأن النجاسات.[٩]

الأضرار المعنوية في لحم الخنزير

قال بعض العلماء إن من مضار أكل لحم الخنزير المعنوية أنّ آكله قد يُصبح من الديّوثين غالباً، فتُنزع منه غيرة الرّجال،[١٠] وقد ثبت أن الخنزير له طباعٌ مذمومة، وفيه القذارة، ولا يمتنع في نكاحه حتى عن أمه، وأحبّ الطعام إليه النجاسات والجِيَف، فكيف للمسلم الذي يختار الطيب من كل شيء أن يأكل هكذا حيوان.[١١]

المراجع

  1. سورة الأنعام، آية:145
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن بريدة بن الحصيب الأسلمي، الصفحة أو الرقم:2260 ، صحيح.
  3. عبد الرحمن القحطاني (1406)، الإحكام شرح أصول الأحكام (الطبعة 2)، صفحة 407، جزء 4. بتصرّف.
  4. ^ أ ب حسين بن عودة العوايشة (1423)، الموسوعة الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة (الطبعة 1)، صفحة 32، جزء 1. بتصرّف.
  5. سورة الأنعام، آية:145
  6. عبد العزيز بن عبد الله بن باز، مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز، صفحة 22، جزء 23. بتصرّف.
  7. وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية في الكويت (1404)، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، صفحة 33-36، جزء 20. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في إرواء الغليل، عن أبي ثعلبة الخشني، الصفحة أو الرقم:1/75، إسناده صحيح.
  9. أبو عمر دُبْيَانِ (2005)، موسوعة أحكام الطهارة (الطبعة 2)، صفحة 115-118، جزء 13. بتصرّف.
  10. محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي، العَذْبُ النَّمِيرُ مِنْ مَجَالِسِ الشَّنْقِيطِيِّ فِي التَّفْسِيرِ (الطبعة 2)، صفحة 379، جزء 2. بتصرّف.
  11. محمد راتب النابلسي (2005)، موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة (الطبعة 2)، صفحة 170، جزء 2. بتصرّف.