تعبير عن رمضان

تعبير عن رمضان

المسلم منا ينتظر شهر رمضان في كل عام على أحر من الجمر، كيف لا وهو المحطة التي يتزود منها ليكمل سيره في باقي شهور السنة، كما أنه شهر الراحة الذي يرفع عن أكتافنا وسوسة الشياطين التي تتصفد فيه، وهو شهر التجلي الذي يدرك فيه المسلم لب العبادة، ويعرف أنها لا تقتصر على أداء الصلاة والصدقة وقراءة القرآن، بل إنها تشمل كل ذلك إلى جانب التفكر والتأمل الذي يفضي إلى إدراك مدى اتساع العبادة الشاملة لحسن الخلق ولمجاهدة النفس وغيرها الكثير من الأعمال والتحديات التي تعترض المسلم في حياته اليومية.

لو علم أحدنا بوجود كنز في مكان ما فلا شك في أنه يسرع في الذهاب إلى مكانه حاملًا معه ما ينفع لجمع أكبر كمية ممكنة من ذلك الكنز، كذلك الحال مع رمضان، علينا أن نفرغ أفئدتنا ونحزم طاقتنا استعدادًا لاستقباله؛ كي نظفر بالأجر الكبير، ونأخذ الحظ الوفير من المغفرة والبركة والعتق من النار.

رمضان يشبه حالة العزلة التي كان صلى الله عليه وسلم يعيشها في غار حراء، تلك العزلة الضرورية التي تجعل المسلم يدرك القيمة الحقيقية للأشياء في حياته، ليعرف أن الطعام ما هو إلا مصدر للطاقة، وأن الوقت أثمن من أن نضيعه في أمور لا ناقة لنا فيها ولا جمل، ليعود المسلم بعد تلك العزلة أكثر قدرة على تنظيم أمور حياته، وبذلك فإنه يستمد القيمة والأثر من شهر رمضان.

يلحظ المسلم نفسه يخرج من رمضان صافي الذهن خالي البال، وقد جمع من الطاقة الكثير ومن الهمة الوفير، ويكون بعد رمضان أكثر همة في أداء العبادات، والالتحاق بركب الطاعات، فنراه أكثر ما يكون حرصًا على السنن الرواتب، وعلى صيام النوافل، وعلى التحلي بالأخلاق الحسنة، فقد تزود في رمضان من كل تلك المعاني، وأخذ منها رصيدًا حقيقيًّا يدخره لباقي شهور السنة.

لا يكاد رمضان يقترب، حتى يكون المسلم أحوج ما يكون إلى ما يتزود به، وإلى محطة يلقي فيها عن كاهله عناء التعب في السنة كلها، ويتزود منها ما يكفيه ويعيله في باقي السنة، لذلك فإننا نكون أحوج ما نكون إلى رمضان في الوقت الذي يجيء فيه من كل سنة، ونجد أنفسنا في الشهور التي تسبقه أكثر توقًا إليه، وأكبر حاجة للتزود منه، وأقل طاقة لمواجهة الحياة دونه.

يجب على كل مسلم أن يعرف العبادة التي تزيده خشوعًا وطاقة ليتزود منها في رمضان؛ فعلى الرغم من اتفاق المسلم على الكثير من العبادات كصلاة التراويح وقراءة القرآن، إلا أن كل مسلم يستمد طاقته من عبادة قد تكون مختلفة عن الآخر، فالبعض يمتلئ طاقةً بسماع القرآن والتدبر في آياته، والبعض يفضل ترتيله وتلاوته، والبعض يجد راحته في الصلاة، والبعض تكون الصدقة بالنسبة له لب العبادة، وهذا ما يجب أن ندركه كي لا نضع قالبًا واحدًا للعبادة في رمضان، وليحقق كل منا أكبر فائدة ويجمع الزاد الذي يحتاجه.