أنواع الحج

أنواع الحج

لا تختلف أنواع الحجّ عن أنواع الإحرام، وهي ثلاثة أنواع:[١]

  • التمتُّع.
  • والقِران.
  • والإفراد.

ويجوز للحاجّ أداء الحجّ بأيٍّ نوعٍ أراد باتّفاق العلماء؛ ونورد أدلتهم على النحو الآتي:

  • ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَقالَ: مَن أَرَادَ مِنكُم أَنْ يُهِلَّ بحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، فَلْيَفْعَلْ، وَمَن أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بحَجٍّ فَلْيُهِلَّ، وَمَن أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بعُمْرَةٍ، فَلْيُهِلَّ قالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فأهَلَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بحَجٍّ، وَأَهَلَّ به نَاسٌ معهُ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بالعُمْرَةِ وَالْحَجِّ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بعُمْرَةٍ، وَكُنْتُ فِيمَن أَهَلَّ بالعُمْرَةِ).[٢][١]
  • ومِن الأدلّة على جواز ذلك أيضاً قَوْله -تعالى-: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ).[٣]
  • وقد أجمع العلماء على مشروعيّة أنواع النُّسك الثلاثة، كما نَقل الإجماعَ عددٌ من العلماء مثل:[٤]
    • ابن عبد البرّ.
    • ابن المنذر.
    • قال النوويّ: “وقد انعقد الإجماع على جواز الإفراد والتمتّع والقِران”.

حج التمتع

يُعرف النوع الأول من أنواع الحج بحج التَّمتُّع؛ فما المقصود بحج التَّمتُّع؟ وكيف يتم أداؤه وما هي خطواته؟ فيما يأتي إجابة عن هذه التساؤلات بالتفصيل على النحو الآتي:

تعريف حج التمتع

يُعرّف التمتُّع في اللغة بأنّه: الانتفاع؛ فالمتاع يُطلق على ما يُنتفَع به، والمُتعة من التمتُّع، ومنه أيضاً: مُتعة الطلاق، ومُتعة الحاجّ، أمّا حجّ التمتُّع في الاصطلاح الشرعيّ، فقد تباينت تعريفاته عند الفقهاء على النحو الآتي:[٥]

  • عند الحنفيّة: المُتعة بالعمرة إلى الحَجّ؛ بأداء أكثر أو كلّ أعمال العُمرة في أشهر الحجّ، ومن ثمّ أداء الحجّ في العام نفسه، دون السفر ولقاء الأهل والإلمام بهم بصورةٍ صحيحةٍ.
  • عند المالكيّة: الإحرام بالعُمرة، وإتمامها في أشهر الحجّ، ثمّ أداء الحجّ في عامٍ واحدٍ.
  • عند الشافعيّة: الإحرام بالعُمرة في أشهر الحجّ من الميقات، ثمّ أداء أعمال الحجّ في العام الواحد، دون الحاجة إلى الرجوع إلى الميقات، والإحرام منه.
  • عند الحنابلة: الإحرام بالعُمرة من الميقات في أشهر الحجّ، ثمّ الإحرام للحَجّ من مكّة، أو مكانٍ قريبٍ منها.

وتجدر الإشارة إلى سبب تسمية حج التمتع بهذا الاسم؛ حيث إن حجّ التمتُّع سمي بهذا الاسم لأنّ الحاجّ المتمتّع يحلّ له بين العُمرة والحَجّ ما حُرِّم على الحاج القارن والمفرد.[٥]

كيفية حج التمتع

فيما يأتي بيان لخطوات حج التَّمتُّع التي ينبغي على الحاج المُتمتِّع القيام بها بالترتيب:[٦]

  • يبدأ حجّ التمتُّع بالتحلُّل من الإحرام بعد أداء العُمرة؛ أي أنّ الحاجّ المُتمتِّع يُؤدّي العُمرة، ويتحلّل منها.
  • ينتظر الحَجّ؛ ليُحرم به في اليوم الثامن من ذي الحِجّة.
  • ثمّ يتوجّه إلى مِنى دون أداء طواف القدوم؛ إذ إنّه لا يجب على المُتمتِّع بالحَجّ.
  • ثمّ يسعى بين الصفا والمروة بعد طواف الإفاضة.
  • يُكمل أعمال الحَجّ المعتادة.
  • يجوز للحاجّ الخروج من الحَرم؛ لقضاء ما يحتاج إليه دون الإقامة خارجه.
  • يتوجّب على المُتمتِّع الهَدْي؛ لِما خُفِّف عنه من أمورٍ في الحَجّ؛ كطواف القدوم، ومن لم يتمكّن من ذبح الهَدْي، يجب عليه صيام ثلاثة أيّامٍ قبل يوم النَّحر، وسبعةٍ حين الرجوع إلى الأهل.

للمزيد من التفاصيل عن حج التمتع الاطّلاع على مقالة: ((شروط حج التمتع)).

حج القران

النوع الثاني من أنواع الحج هو حج القِران، وفيما يأتي بيان لتعريف حج القِران، يتبعه تفصيل لصوره:

تعريف حج القران

المقصود بحجّ القِران أن يُحرم الحاجّ بالعُمرة والحجّ معاً في نُسكٍ واحدٍ؛ فيقول: “لبّيك اللهمّ عمرةً في حَجّةٍ”؛[٧] فلا يتحلّل الحاجّ من إحرامه بالحَلْق أو التقصير بعد أن يُنهي أعمال العُمرة؛ من طوافٍ، وسعيٍ؛ إذ يجب أن يبقى مُحرِماً مُلتزماً بأحكام الإحرام؛ لإتمام أعمال الحَجّ.[٨]

ويكون بذلك الحاج مُقرِناً؛ لأنّه واصلَ أعمال العُمرة مع أعمال الحَجّ دون الفَصْل بينهما، ويجب عليه الهَدْي كالحاجّ المتمتّع، فإن لم يستطع، فإنّه يصوم ثلاثة أيّامٍ قبل يوم النَّحر، وسبعةٍ حين الرجوع إلى الأهل.[٨]

صور حج القران

القِران من الحَجّ له ثلاثة صُورٍ نبين كلاً منها على النحو الآتي:[٧]

  • الصورة الأولى:

وهي الصورة الأصليّة؛ وتكون بالإحرام بالحجّ والعُمرة معاً في وقتٍ واحدٍ، وإحرامٍ واحدٍ.

  • الصورة الثانية:

تكون الصورة الثانية من حج القِران من خلال إدخال الحجّ على العُمرة؛ وذلك بالإحرام أوّلاً بالعُمرة، ثمّ إدخال الحَجّ عليها.

  • الصورة الثالثة:

إدخال العُمرة على الحجّ؛ بالإحرام بالحجّ وحده، ثمّ إدخال العُمرة عليه، وتجدر الإشارة إلى أن الصورة الثالثة لحج القِران مذهب الحنفية وبعض المالكية، وبه قال عطاء والأوزاعي، ورجّحه ابن عثيمين، غير أنّ المعتمد عند المالكية والشافعية والحنابلة عدم جواز هذه الصورة.

حج الإفراد

النوع الأخير من أنواع الحج هو حج الإفراد، وسيتم بيان مفهوم هذا الحج ومن ثم تفصيل لكيفية أدائه على النحو الآتي:

تعريف حج الإفراد

إفراد الحجّ هو: الإحرام بالحجّ دون العُمرة؛ فيقول الحاجّ: “لبّيك اللهمّ حجّاً”،[٩] وإن أراد الحاج أداء العُمرة، فلا يُؤدّيها إلّا حين الفراغ من أعمال الحَجّ كاملةً.[١٠]

كيفية حج الإفراد

فيما يأتي بيان لخطوات حج الإفراد بالترتيب:[١١]

  • يبدأ الحاجّ بطواف القدوم حين دخول مكّة.
  • ثمّ يُؤدّي السَّعي بين الصفا والمروة، وإن شاء أخّره، لكن الأوْلى أن يؤدّيه بعد طواف القدوم؛ اقتداءً بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-.
  • يبقى الحاج على إحرامه إلى اليوم الثامن من ذي الحِجّة؛ ليبيتَ في مِنى ذلك اليوم، ويُؤدّي فيها الصلوات الخمس؛ كلّ صلاةٍ في وقتها، ويقصرُ الصلاة الرباعيّة؛ فيُؤدّيها ركعتَين.
  • يقف بعرفة في اليوم التالي؛ اليوم التاسع من ذي الحِجّة، ويجمعُ تقديماً بين الظهر والعصر، ويقصرُهما، ويبقى في عرفة إلى غروب الشمس.
  • يتوجَّه بعدها إلى مُزدلفة، ويبقى فيها حتى الفجر.
  • يتوجّه بعد ذلك إلى مِنى، ويرمي جمرة العقبة بسبع حَصَياتٍ، مع التكبير عند رَمي كلّ حصوةٍ، ويَحْلق شَعْره أو يُقصّر، ويغتسل ويتطيّب.
  • ثمّ يتوجّه إلى مكّة؛ ليطوف طواف الإفاضة.
  • يعود إلى مِنى؛ ليبيتَ فيها ليلة الحادي عشر، والثاني عشر إن كان مُتعجِّلاً، وليلة الثالث عشر إن أراد التأخُّر، ويرمي في كلّ يومٍ منها الجمرة الصُّغرى، ثمّ الوُسطى، ثمّ العقبة؛ كلّ واحدةٍ بسبع حَصَياتٍ، مع التكبير عند كلّ حصاةٍ.
  • ثمّ يرجع إلى مكّة؛ ليطوف سبعة أشواطٍ طواف الوداع.

الفرق بين أنواع الحج

بعد الإنتهاء من بيان أنواع الحج والتعريف بكل نوع وصوره وكيفياته؛ لا بد من ذكر الفروق بين هذه الأنواع، وفيما يأتي توضيح للفرق بين حج التَّمتع والقِران، يتبعه توضيح للفرق بين حج الإفراد وغيره من أنواع الحج على النحو الآتي:

الفرق بين التمتع والقران

فرّق العلماء بين حج التمتُّع والقِران؛ فالتمتُّع في الحجّ تكون فيه العُمرة منفصلةً عن الحجّ وذلك من خلال الإحرام بالعُمرة، ثمّ الإحرام بالحجّ تباعاً، أمّا حج القِران؛ فيكون فيه تداخُلٌ بين أعمال العُمرة والحجّ.[١٢]

الفرق بين الإفراد وغيره

اتّفق العلماء على أنّ الإفراد في الحجّ لا يجب بسببه الهَدْي على الحاجّ، أمّا حج القِران أو حج التمتُّع، فيجب بسببهما الهَدْي؛ لقَوْل الله -تعالى-: (فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ)،[١٣] وقوله -تعالى-: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ).[١٤][١٥]

أفضل أنواع الحج

بحث أهل العلم مسألة التّفضيل بين أنواع الحجّ، وتعدّدت أقوالهم تبعاً للأدلة الشرعية التي استندوا إليها وكيفية فهمهم لها، وبيان ذلك فيما يأتي:[١٦]

قال الشافعيّة والمالكيّة بأنّ الإفراد بالحجّ أفضل من القِران والتمتُّع إن كان الحاجّ قد أدّى العُمرة في العام نفسه؛ لعدم وجوب الهَدْي عليه، كما صحّ أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حَجّ مفرداً، وورد إفراده بالحَجّ بطرقٍ مُتواترةٍ صحيحةٍ.

حيث أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: (خَرَجْنَا مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَمِنَّا مَن أَهَلَّ بعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَن أَهَلَّ بحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَن أَهَلَّ بالحَجِّ، وَأَهَلَّ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بالحَجِّ)،[١٧] ويأتي القِران بعد الإفراد من حيث الأفضليّة عند المالكيّة، أمّا الشافعيّة فاعتبروا أنّ التمتُّع له الأفضليّة قبل القِران وبعد الإفراد.

قال الحنفيّة بأنّ حَجّ القِران أفضل من حَجّ الإفراد، أو حج التمتُّع؛ وذلك لاستمرار الإحرام بهما من الميقات إلى حين الانتهاء منهما، بخلاف التمتُّع، فكان القِران أولى منه؛ وقد استدلّوا بما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُلبِّي بالحَجِّ والعُمْرةِ جميعًا، يقولُ: لبَّيكَ عُمْرةً وحَجًّا).[١٨]

يرى الحنابلة أنّ التمتُّع أفضل، ومن ثمّ الإفراد، فالقِران؛ واستدلّوا بما أخرجه الإمام البخاريّ عن ابن عمر -رضي الله عنهما-: (تَمَتَّعَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ، بالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ وأَهْدَى، فَسَاقَ معهُ الهَدْيَ مِن ذِي الحُلَيْفَةِ).[١٩]

المراجع

  1. ^ أ ب وحدة البحث العلمي (2018)، الميسر في أحكام الحج والعمرة (الطبعة الأولى)، صفحة 25-26. بتصرّف.
  2. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 1211، صحيح.
  3. سورة البقرة، آية: 196.
  4. عبدالله الطيار، عبدالله المطلق، محمد الموسى (2012)، الفقه الميسر (الطبعة الثانية)، الرياض: مدار الوطن، صفحة 20، جزء 4. بتصرّف.
  5. ^ أ ب وزراة الأوقاف، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة الثانية)، الكويت: دار السلاسل، صفحة 6، جزء 14. بتصرّف.
  6. ابن تميم الظاهري، فقه الحج المشجر، صفحة 8. بتصرّف.
  7. ^ أ ب “القِرانُ في الحَجِّ”، www.dorar.net، اطّلع عليه بتاريخ 17-4-2020. بتصرّف.
  8. ^ أ ب أحمد عبد القادر (1991)، فقه الحج والزيارة (الطبعة الأولى)، جدة: مكتبة الإرشاد، صفحة 37-38. بتصرّف.
  9. عبدالله الدرعان، محمد النجيمي، عبدالسلام الشويعر، عثمان الصديقي (2007)، التيسير في الحج، الرياض: مكتبة الملك فه الوطنية، صفحة 69. بتصرّف.
  10. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 2276، جزء 3. بتصرّف.
  11. “صفة وأعمال حج المفرد”، www.islamweb.net، 6-2-2002، اطّلع عليه بتاريخ 17-4-2020. بتصرّف.
  12. عبد العزيز الراجحي، شرح عمدة الفقه، صفحة 7، جزء 21. بتصرّف.
  13. سورة البقرة، آية: 196.
  14. سورة الحج، آية: 28.
  15. عبدالله الدرعان، محمد النجيمي، عبدالسلام الشويعر، عثمان الصديقي (2007)، التيسير في أحكام الحج، الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية، صفحة 71. بتصرّف.
  16. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (الطبعة الرابعة)، دمشق: دار الفكر، صفحة 2193-2195، جزء 3. بتصرّف.
  17. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم المؤمنين عائشة، الصفحة أو الرقم: 1211، صحيح.
  18. رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 1795، صحيح.
  19. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم: 1691، صحيح.
Related Post