تعريف العقيدة
تعريف العقيدة لغة
العقيدة في اللّغة مأخوذة من العَقْد، وهو ما يدلّ على الشَّدّ والوِثاق، وعكسها الحِلّ، وقد جاء في القرآن الكريم ما يدلُّ على معناها اللغوي، قال -تعالى-: (وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ)،[١] أي السَّحَرَة الذين يعقدون العُقَد وينفثون فيها، ويأتي معنى العقد بوصل الشَّيء بغيره، ويأتي بمعنى التَّأكيد، كقول: عقد العهد واليمين، كما قال الله -عزَّ وجل-: (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ).[٢][٣]
وتأتي المعاقدة بمعنى المعاهدة، فقد أطلق الله -سبحانه وتعالى- على الإيمان أنَّه أوكد العهود حين قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)،[٤] وقولنا في البيع عقدته: أي أبرمته وأحكمته، واعتقاد الأمر يعني صدقه، وعَقْد القلب والضَّمير عليه، والعقيدة أيضاً هي ما يدين الإنسان به، وله استعمالاتٌ أخرى، فإذا أطبق الوادي على قومٍ فقتلهم نقول: عقد الجبل عليهم، وعَقَدَ الحبل أو الخيط؛ أي شدَّه.[٣]
العقيدة لغة؛ أي الشدُّ والوثاق، وقد استعمل معنى العقد في البيوع والأيمان.
تعريف العقيدة اصطلاحاً
العقيدة اصطلاحاً: تُطلق على الإيمان الجازم، والحُكم القاطع الذي لا شكَّ فيه، فهي ما يؤمن به المسلم ويتَّخذه مذهباً ويربط قلبه وضميره به ويتّخذه ديناً، وتُسمّى عقيدة سواءً كان هذا الاعتقاد صحيحاً أم باطلاً.[٥]
والعقيدة الإسلاميَّة هي اليقين والتَّسليم والإيمان الجازم بالله -سبحانه وتعالى-، وطاعته، والإيمان به، وبملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وسائر أساسات الإيمان، وأركان الإسلام، وكلُّ ما هو قطعيٌّ في الدِّين؛ كحب الله -تعالى-، والمعاملة الحسنة، والأمر بالمعروف، والنَّهيُ عن المنكر، وحب الصَّحابة والعلماء، وكلُّ ما هو مندرجٌ تحت الصَّحيح من الدِّين الإسلامي.[٦]
ولهذا فإنَّ أمور العقيدة هي كلُّ ما ثبت بالعقيدة من أمورٍ غيبيَّةٍ وغير غيبيَّةٍ ثابتةٍ في أصول الاعتقاد من القرآن الكريم، وممَّا صحَّ ثبوته من الوحي للنبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ويدخل في العقيدة كذلك المُسَلَّمات من الأمور العلميَّة والعمليَّة؛ كالالتزام بالفضائل والأخلاق الحميدة ونفي كلُّ ما هو ضدُّها.[٦]
والعقيدة هي الأساس الذي يقوم عليه الدِّين، فهي كالأساس للبِّناء، لِذا من خالف شيئاً من الأصول أدى ذلك إلى وجود خللٍ في العقيدة كاملةً، فمثلاً لو أن أحد المسلمين أنكر وجود مَلَكٍ من الملائكة وآمن بالباقي فهذا يُنافي العقيدة الصَّحيحة التي لا تكون إلَّا باتِّباع جميع أصولها، فالعقيدة هي أصول الدِّين العظمى التي يَنبَني عليها الدِّين للفرد والجماعة من أُسسٍ وثوابتٍ ومُسَلَّماتٍ وقطعياتٍ.[٦]
العقيدة هي ما يؤمن به المرء إيماناً جازماً بلا شك، والعقيدة الإسلامية هي اليقين والتسليم والإيمان الجازم بالله تعالى وسائر أركان الإيمان وأركان الإسلام.
مسمّيات العقيدة
الإيمان
قال الله -عز وجل: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَـكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)،[٧] وذلك لأنَّ أصول العقيدة هي الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشرِّه، وهي أركان الإيمان، وقد ألَّف العلماء الكثير من الكتب فيها، منها كتاب الإيمان لابن مندة -رحمه الله-، وكتاب الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وكتاب الإيمان لابن أبي شيبة -رحمه الله-، والإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام -رحمه الله-.[٨]
السُنَّة
معناها ما يُخالف البدعة، وليس معناها السنَّة بالمصطلح الذي يستخدمه الفقهاء للدَّلالة على ما يُثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، وقد جاء في معنى العقيدة بتسمية السنَّة قول النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: (فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها، وعَضّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ)،[٩] وقال كذلك -صلى الله عليه وسلم- في حديث الثَّلاثة الذين جعلوا من أنفسهم كالرهبان: (أنْتُمُ الَّذِينَ قُلتُمْ كَذَا وكَذَا، أما واللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له، لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي).[١٠][٨]
التَّوحيد
يُراد بهذه الكلمة معنى العقيدة، حيث صحَّ من حديث معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما أرسله النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن أنَّه قال له: (ادْعُهُمْ إلى شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ)،[١١] وقد ألَّف العلماء الكثير من الكتب في التَّوحيد، مثل كتاب التَّوحيد لابن مندة -رحمه الله-.[٨]
هناك مصطلحات أُخرى بمعنى العقيدة لكنَّها لم ترد في الكتاب والسنَّة، وقد استعملها العلماء لأنَّ استعمالها صحيح ولا ضير فيه، مثل مصطلح الشريعة، وقد جاء فيه مُؤلفاتٌ عديدة، مثل كتاب الشريعة للإمام الآجري -رحمه الله-، وكل موضوعات هذا الكتاب كانت عن العقيدة، وكذلك مصطلح الفقه الأكبر، حيث إنَّ الإمام أبو حنيفة -رحمه الله- سمَّى كتاباً له بالفقه الأكبر الذي اختصَّ فيه بمسائل اعتقادية في الأسماء، والصِّفات، والإيمان، والصَّحابة، والنُّبوات، وغيرها من المسائل المختصَّة في العقيدة.[٨]
للعقيدة مسميات عديدة، فالسنّة والإيمان والتوحيد والشريعة والفقه الأكبر، كلها مسميات للعقيدة.
موضوعات العقيدة
العقيدة الإسلامية عند أهل السنة والجماعة يُحيط بها عدَّة أمورٍ لابدَّ منها: ففيها ما يُطلق عليه بعلم التَّوحيد الذي يقوم على الإيمان بالله -تعالى- وتوحيده، وبيان ما يجب له من صفات الجلال والكمال -سبحانه وتعالى-، مع إفراده بالعبادة دون غيره أو دون شريكٍ، والإيمان بالملائكة المطهَّرين، والرُّسل أشرف الخلق، والإيمان باليوم الآخر، والقضاء والقدر خيره وشرُّه، وترك كلِّ ما هو ضدُّ التَّوحيد؛ كالشِّرك والكفر، وله ثلاث محاور أساسية، نذكرها فيما يأتي:
- كلُّ ما يتعلَّق بالله -تعالى-: من بيان صفاته التي يتَّصف بها، وبيان الصِّفات التي يُنَزَّهُ عنها، وبيان حَقّه بالعبادة.
- كلُّ ما يتعلَّق بالرُّسل -عليهم الصلاة والسلام-: وبيان ما يجب عليهم، وما لا يجب عليهم، وما يجوز في حقِّهم وما لا يجوز، وما يستحيل عليهم، وما يجب على أتباعهم.
- ما يسمَّى بالسَّمعيات والغيبيات: فهي ما يجب الإيمان به ممَّا نسمع عنه ولا نرى حقيقته، ولكن جاء وروده في الصَّحيح عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فليس للعقل أن يثبتها أو ينفيها، ومثالها علامات السَّاعة الكبرى والصُّغرى، وتفاصيل اليوم الآخر، فهذه السَّمعيات يقبلها العقل ولا يعارضها، ولا شيء منها لا يمكن تصوّره، فالدِّين الإسلامي يقرُّ العقل ولا يعارضه أبداً، وهذا ينطبق على كلِّ ما جاء من الصَّحيح في الدِّين.
تنقسم موضوعات العقيدة إلى الإيمان بكل ما يتعلق بالله تعالى، والإيمان بكل ما يتعلق بالرسل، والإيمان بالغيبيّات.
خصائص العقيدة الإسلاميَّة
الكمال والشمول
تختصُّ الشَّريعة الإسلاميَّة بالكمال والشُّمول؛ لأنَّها جاءت لجميع العالَمين، فلم تختصَّ بشعبٍ أو قومٍ معيّنين، وهي صالحةٌ لكلِّ زمانٍ ومكانٍ، فالله -تعالى- الذي خلق البشر هو العالم باحتياجاتهم ومنافعهم، فهو ليس مجرّد دينٍ وضعيٍّ، فالإنسان ناقصٌ ولا يستطيع أن يصل إلى الكمال مهما حاول، أمَّا الدِّين الإسلامي فقد وضعه الحكيم الخبير، قال -تعالى-: (تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).[١٢][١٣]
نقاء المصادر
أي إنَّ المصادر التي يستند عليها الدِّين هي مصادر صحيحة، فالعقيدة الإسلاميَّة الصَّحيحة هي القرآن الكريم وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- القوليَّة، والفعليَّة، والتقريريَّة، ثمَّ يأتي الإجماع الذي يكون مرجعه القرآن والسنَّة الصَّحيحة، وغيرها ممَّا لا يكون فيه بدعةٌ سيئةٌ ولا إضافاتٌ لا تمتّ للدِّين بصلة.[١٣]
البقاء والحرص
فلِبَقاء هذه العقيدة الصَّحيحة حرص الله -سبحانه وتعالى- على حفظها لتصل إلى جميع الخلق في كلِّ الأزمان، قال -تعالى-: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ)،[١٤] وهذه الكفالة تتضمَّن السنَّة، فقد وصلنا من السنَّة الصَّحيحة الكثير تبعاً لوعد الله -تعالى- لنا بحفظ الدِّين، فالسنَّة هي المصدر الشَّرعي الثَّاني بعد القرآن الكريم، وقد كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لا ينطق عن الهوى، وإنَّما أحاديثه مرجعها الله -سبحانه وتعالى-.[١٣]
التوقيفيَّة
أي إنَّ العقيدة الإسلاميَّة مستمدَّةٌ من الله -سبحانه وتعالى- ووصلتنا عن طريق المصادر الشرعيَّة الصَّحيحة، فلا مجال فيها للزِّيادة ولا التدخُّل البشري، قال -تعالى-: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَـكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ* صِرَاطِ اللَّـهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّـهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ).[١٥][١٦]
الغيبيَّة
أُسس العقيدة الإسلامية قائمةٌ على الإيمان بالغيبيات، فهي ليست من الأمور التي تُعرف مباشرةً، فلا يمكن معرفة صفات الله -تعالى- دون دراسة العقيدة، وذلك ينطبق على كلِّ أمور العقيدة، قال -تعالى-: (ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ..).[١٧][١٦]
التوازن
جعل الله -عز وجل- في هذه العقيدة توازناً دقيقاً لم يُوجد قط في أيٍّ من الدِّيانات الوضعيَّة، حيث إنّ العقيدة الإسلاميَّة هي عقيدة الاعتدال والوسطيَّة، فقد جعل الله -تعالى- التوازن في المال، واللّذَّة، والعمل، والعقل، والمعرفة، والقوَّة، والعبادة، والقرابة، والقومية، والإنسانية، وكلُّ جزءٍ من مناحي حياة الإنسان.[١٦]
تتسم العقيدة الإسلامية بعدد من الخصائص منها أنّها عقيدة كاملة وشاملة، ونقية المصدر، وتوقيفية متوازنة.
أهميَّة العقيدة الإسلاميَّة
إنّ للعقيدة الإسلاميَّة أهميَّةً كبيرة نبيِّنها فيما يأتي:
الدِّين الإسلامي دينٌ شاملٌ
الإسلام شامل لجميع مناحي حياة الإنسان منذ مجيئه إلى الحياة وحتى نزوله لقبره وما بعد ذلك، والعقيدة هي أساسه والركائز التي يبنى عليها هذا الدِّين، قال -تعالى-: (قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّـهِ رَبِّ العالَمينَ* لا شَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المُسلِمينَ)،[١٨] فقد جاء الإسلام ليرسِّخ هذه العقيدة في نفوس الناس، وقد اهتمّ العلماء أشدّ الاهتمام والعناية لشرح العقيدة للناس اتّباعاً لهدي النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي مكث في مكة عشرة سنوات وهو يُرسّخ العقيدة في نفوس المسلمين، ولما رسخت وقوي إيمانهم اختار الله لهم الهجرة التي تلتها الأحكام الشرعية الأخرى.[١٩]
البحث عن الإله الذي أوجد الإنسان في هذه الأرض
الفطرة الإنسانيَّة التي خلق الله -تعالى- النَّاس عليها تشدُّ الإنسان بطبيعته ليبحث عن الإله، والمرجع، والقوَّة الخارقة التي أوجدته في هذه الأرض، فجاء الإسلام ليُوافِق هذه الفطرة ويشبع هذه الرَّغبة ويرضيها، ويدلَّ النَّاس على الطَّريقة الصَّحيحة التي ارتضاها الله -سبحانه وتعالى- للنَّاس لعبادته واتِّباع ما يرضيه والانتهاء عمَّا لا يرضيه، قال -تعالى-: (الَّذينَ آمَنوا وَلَم يَلبِسوا إيمانَهُم بِظُلمٍ أُولـئِكَ لَهُمُ الأَمنُ وَهُم مُهتَدونَ)،[٢٠][١٩] فالعقيدة هي الحِكمة والأساس من وجود الإنسان في هذه الدُّنيا، فقد خلقنا الله -سبحانه- لتحقيق هذه الحِكمة، قال -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ).[٢١][٢٢]
إخلاص الدِّين لله -سبحانه وتعالى-
إخلاص الدِّين لله -سبحانه وتعالى- وحده هو الهدف الأسمى الذي يسعى له جميع المسلمين، وهو لا يتحقَّق إلَّا بكمال الاعتقاد عبادةً وسلوكاً، ولهذا جاءت العقيدة الإسلاميَّة شاملة تهدف للوصول إلى الإخلاص التَّام لله -تعالى-، قال -تعالى-: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ).[١٩][١٩]
إيصال الإنسان إلى المعرفة التي يريدها عن الله
إنّ العقيدة الإسلاميَّة توصل الإنسان إلى المعرفة التي يريدها عن الله -عز وجل-، وبالتالي يتحقَّق الحبُّ لله -تعالى- الذي يستحقُّه، وقد كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أعرف النَّاس وأحبَّ النَّاس لله -سبحانه- لمَّا عرفه، قال -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ أتْقَاكُمْ وأَعْلَمَكُمْ باللَّهِ أنَا).[٢٣][١٩]
دفع المسلمين للعمل على دعوة النَّاس لعبادة الله
معرفة العقيدة الإسلاميَّة تدفع المسلمين للعمل على دعوة النَّاس لعبادة الله -تعالى- والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالإنسان هو خليفة الله -تعالى- في الأرض ولا بدَّ له من أداء واجبه فيها من خلال معرفة العقيدة الصَّحيحة وأُسسها.[١٩]
طرد الخوف من كلِّ ما سوى الله
إنَّ العقيدة الإسلاميَّة إذا رَكَزَت وقرَّت في قلبٍ فستطرد منه الخوف من كلِّ ما سوى الله -سبحانه وتعالى-، وتحرّره من تعظيم وتكبير شؤون الحياة الدُّنيا، وتُعَلِّقه بالله -سبحانه وتعالى- وما أمر به -عز َّوجل-، وقد ذهب ربعي بن عامر -رضي الله عنه- ذات يومٍ لملك الفرس، فسأله الملك عن سبب مجيئهم، فقال له: “لقد جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله رب العالمين، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة”.[١٩]
أساس دعوة الرسل ووجود الإنسان
العقيدة هي أساس دعوة جميع الرُّسل -عليهم السلام-، قال -تعالى-: (وَلَقَد بَعَثنا في كُلِّ أُمَّةٍ رَسولًا أَنِ اعبُدُوا اللَّـهَ وَاجتَنِبُوا الطّاغوتَ).[٢٤][٢٢]
الإخلاص في العبادات والأعمال
لا يقبل الله -تعالى- الدِّين أو العمل إلَّا بصلاح العقيدة عند العبد، قال -تعالى-: (وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)،[٢٥][٢٢] وإنَّ اتِّباع العقيدة الصحيحة ينعكس بشكلٍ طبيعيٍّ على سلوكيات وأفعال العبد، فإن صلحت صلح عمله، وإن فسدت فسد عمله، وصلاحها يؤدِّي إلى السَّلام الدَّاخلي الذي ينبع عن حبِّ الله -تعالى- وخشيته، واتِّباع كلِّ ما يرضيه، والابتعاد عمَّا يغضبه بأكمل وجه.[٢٦]
وإنّ سلامة العقيدة عاصمٌ للدِّين والدَّم والمال، فقد قال سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-: (أُمِرْتُ أنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فمَن قالَهَا فقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ ونَفْسَهُ إلَّا بحَقِّهِ، وحِسَابُهُ علَى اللَّهِ).[٢٧][٢٦]
تتعدد أهمية العقيدة الإسلامية فهي أساس وجود الإنسان كي يعبد الله ويعرفه، وهي أساس دعوة الرسل جميعاً، وهي أساس صلاح العبادات، وسلامة العقيدة عاصم للدين وللمال وللدم.
المراجع
- ↑ سورة الفلق، آية: 4.
- ↑ سورة النساء، آية: 33.
- ^ أ ب محمد ملكاوي (1985م)، عقيدة التوحيد في القرآن الكريم (الطبعة الأولى)، المدينة المنورة – المملكة العربية السعودية: مكتبة دار الزمان، صفحة 17-19. بتصرّف.
- ↑ سورة المائدة، آية: 1.
- ↑ سعيد القحطاني، المسلم في ضوء الكتاب والسنة، الرياض – المملكة العربية السعودية: مطبعة سفير، صفحة 690، جزء 2. بتصرّف.
- ^ أ ب ت ناصر العقل، مجمل أصول أهل السنة، www.islamweb.net، صفحة 4، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الشورى، آية: 52.
- ^ أ ب ت ث عبد الرحيم السلمي، تأصيل علم العقيدة، www.islamweb.net، صفحة 8-11، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في صحيح أبي داود، عن عبدالرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر، الصفحة أو الرقم: 4607، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 5063، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم: 1395، صحيح.
- ↑ سورة فصلت، آية: 42.
- ^ أ ب ت ناصر العقل، مجمل أصول أهل السنة، www.islamweb.net، صفحة 12-14، جزء 1. بتصرّف.
- ↑ سورة الحجر، آية: 9.
- ↑ سورة الشورى، آية: 52-53.
- ^ أ ب ت عثمان جمعة ضميرية (1996م)، مدخل لدراسة العقيدة الإسلامية (الطبعة الثانية)، جدّة – المملكة العربية السعودية: مكتبة السوادي للتوزيع، صفحة 383-394. بتصرّف.
- ↑ سورة البقرة، آية: 2-3.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 162-163.
- ^ أ ب ت ث ج ح خ العقيدة، المملكة العربية السعودية: وزارة الأوقاف السعودية، صفحة 3. بتصرّف.
- ↑ سورة الأنعام، آية: 82.
- ↑ سورة الذاريات، آية: 56.
- ^ أ ب ت عبد الرحيم السلمي، تأصيل علم العقيدة، www.islamweb.net، صفحة 3، جزء 1.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم: 20، صحيح.
- ↑ سورة النحل، آية: 36.
- ↑ سورة المائدة، آية: 5.
- ^ أ ب محمد بن عودة السعوي (1425)، رسالة في أسس العقيدة (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، صفحة 6-7. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 1399، صحيح.