أنواع الأموال الربوية
أنواع الأموال الربوية
ذكر النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- الأصناف والأموال التي يدخُلُها الربا، والتي تُسمّى بالأموال أو الأصناف الربويّة في عددٍ من الأحاديث، ومنها قوله: (الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، سَواءً بسَواءٍ، يَدًا بيَدٍ، فإذا اخْتَلَفَتْ هذِه الأصْنافُ، فَبِيعُوا كيفَ شِئْتُمْ، إذا كانَ يَدًا بيَدٍ).[١][٢]
وهذه الأصناف الستّة هي ما يحصلُ فيها الربا، وما عداها فلا يدخُلها ربا، فعند بيعها يحرُم الزيادة أو التأخير، فيجبُ فيها المماثلة في الوزن والكيل، سواءً أكانت من حيث الجودة أو الرداءة،[٢] وفي المقال سيتم بيانُ كيفية الربا في كُل نوعٍ منها:
النقدين
ويُطلق هذا اللفظ على الذهب والفضة، وما يقوم مقامهُما كالأوراق النقديّة، ويُشترط في صحةِ بيعها إذا كان من جنسها؛ الحُلول وعدم التأخير، وتجمعهما علةٌ واحدة.[٣]
إلّا في حال كان أحد العوضين ثمناً والآخر مُثمناً؛ كبيع الموزونات بالدراهم والدنانير؛ لقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (الذَّهَبُ بالذَّهَبِ، والْفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والْبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعِيرُ بالشَّعِيرِ، والتَّمْرُ بالتَّمْرِ، والْمِلْحُ بالمِلْحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، سَواءً بسَواءٍ، يَدًا بيَدٍ، فإذا اخْتَلَفَتْ هذِه الأصْنافُ، فَبِيعُوا كيفَ شِئْتُمْ، إذا كانَ يَدًا بيَدٍ).[١][٣]
علة الربوية في النقدين
اتفق الفُقهاء على وجود الربا في النقدين، وهُما الذهبُ والفضة وكان لعلة، وتعدّدت أقوال الفُقهاء في هذه العلّة كما ياتي:[٤]
أنّ علة الربا في النقدين هي الوزن؛ وهذا قول أبو حنيفة وأحمد بن حنبل في إحدى رواياته، وعلى هذا القول فإنّ الربا يجري على كل موزون؛ سواء كان مطعومًا أو لا، واستدلوا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بالذَّهَبِ، إلَّا وَزْنًا بوَزْنٍ).[٥]
أنّ علة الربا في النقدين هي الثمنية؛ وهذا قول الشافعية والمالكية وأحمد بن حنبل في روايته الثانية، وهذه العلة قاصرة على الذهب والفضة لا تتعداهما إلى غيرهما.[٦]
الأصناف الأربعة: التمر والبر والشعير والملح
ورد في الحديث أنّ الأصناف الربويّة الأُخرى، هي: التمر، والبُر، والشعير، والملح، وتعدّدت أقوال القائلين بوجود ربا الفضل بها، فهل يُقاس عليها غيرها من الأصناف أم أنّها مُقتصرةٌ عليها فقط؟
فذهب الأئمة الأربعة إلى أنّ الربا ليس محصوراً ومُقتصراً على هذه الأصناف، بل يدخُل بها من اشترك معها في نفس العلة.[٧]
وهو نوع من القياس وإلحاق الشبه بمثله، فيثُبتُ نفس الحُكم لمن اشترك معها في العلة نفسها، لعموم قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- لغلامه الذي أرسله.[٧]
يقول عليه السلام: (أنَّهُ أَرْسَلَ غُلَامَهُ بصَاعِ قَمْحٍ، فَقالَ: بعْهُ، ثُمَّ اشْتَرِ به شَعِيرًا، فَذَهَبَ الغُلَامُ، فأخَذَ صَاعًا وَزِيَادَةَ بَعْضِ صَاعٍ، فَلَمَّا جَاءَ مَعْمَرًا أَخْبَرَهُ بذلكَ، فَقالَ له مَعْمَرٌ: لِمَ فَعَلْتَ ذلكَ؟ انْطَلِقْ فَرُدَّهُ، وَلَا تَأْخُذَنَّ إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، فإنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- يقولُ: الطَّعَامُ بالطَّعَامِ مِثْلًا بمِثْلٍ، قالَ: وَكانَ طَعَامُنَا يَومَئذٍ الشَّعِيرَ، قيلَ له: فإنَّه ليسَ بمِثْلِهِ، قالَ: إنِّي أَخَافُ أَنْ يُضَارِعَ).[٨]
وذهب آخرون، كطاووس، وقتادة، والظاهرية، إلى أنّ الربا مقصورٌ على الأصناف الواردة في الحديث؛ لقصر الحديث عليها.[٧]
علة الربوية في الأصناف الأربعة
لقد تعددت آراء الفقهاء في علة الربوية في الأصناف الأربعة كما ياتي:[٩]
- ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّ العلة هي الكيل أو الوزن مع الجنس، فيدخُل الربا في كُل مكيل أو موزون إذا كانا من جنسٍ واحد، سواءً أكان من الطعام أو غيره.
- ذهب المالكيّة إلى أنّ العلة هي القوت والادّخار.
- ذهب الشافعيّة إلى أنّ العلة هي الطعم، فيدخُل الربا في كُل المطعومات سواءً أكانت مكيلة أو غير مكيلة، وذهب بعض الشافعيّة إلى أنّ العلة هي الطعم مع الكيل أو الوزن.
المراجع
- ^ أ ب رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:1587، صحيح.
- ^ أ ب عبد العظيم بن بدوي (2001)، الوجيز في فقه السنة والكتاب العزيز (الطبعة 3)، مصر:دار ابن رجب، صفحة 348. بتصرّف.
- ^ أ ب وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الموسوعة الفقهية الكويتية (الطبعة 2)، الكويت:دار السلاسل، صفحة 284، جزء 32. بتصرّف.
- ↑ مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 118. بتصرّف.
- ↑ رواه الإمام مسلم، في صحيح مسلم ، عن فضالة بن عبيد ، الصفحة أو الرقم: 1591، صحيح .
- ↑ ابن نور الدين، كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن، صفحة 153. بتصرّف.
- ^ أ ب ت أبو عمر دُبْيَانِ بن محمد الدُّبْيَانِ (1432)، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (الطبعة 2)، الرياض:مكتبة الملك فهد الوطنية، صفحة 140-144، جزء 11. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن معمر بن عبدالله بن نضلة، الصفحة أو الرقم:1592، صحيح.
- ↑ أبو عمر دُبْيَانِ بن محمد الدُّبْيَانِ (1432)، المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (الطبعة 2)، الرياض:مكتبة الملك فهد الوطنية، صفحة 171-172، جزء 11. بتصرّف.